• الموقع : مركز الفقيه العاملي لإحياء التراث .
        • القسم الرئيسي : سوق المعادن والحلل .
              • القسم الفرعي : ماضي الجبل وحاضره .
                    • الموضوع : مقتطفات من سوق المعادن .

مقتطفات من سوق المعادن

قبل البدء بموضوعنا نود الإشارة إلى أن الاسم الذي اخترناه للقسم الرئيسي لهذه الصفحات هو مستعار من هذا الكتاب النادر وهو كتاب سوق المعادن والحلل للعلامة الشيخ محمد علي عز الدين العاملي الحنويهي


مقتطفات من سوق المعادن والحلل 
لقد عنون العلامة الشيخ محمد علي عز الدين مواضيع كتابه بعناوين مختلفة وملفتة مثل : حقيبة تاجر فيها جملة جواهر وعقد منظوم كأن خرزه نجوم وبضائع فيها بدائع . وغير ذلك من العناوين الجذّابة والملفتة والتي لا تخلو من غرابة . وتحت كل عنوان أدرج موضوعاً مختلفاً عما سبقه من المواضيع , كالتاريخ والفقه والألغاز والمراسلات وغير ذلك من المواضيع المهمة .
وقد اخترنا لهذه الصفحة واحداً من أهم هذه المواضيع وهو تاريخ جبل عامل وبعض البلاد الإسلامية المجاورة أو القريبة كالعراق والشام وفلسطين وغيرها . وقد اختصره في 12 صفحة وقد عنونه بهذا العنوان 
دكّان فيه بعض بدائع الزّمان
فمنها ما جرى في عصرنا من الحوادث الواقعة في هذه السنة وهي 1268 من هجرة سيد المرسلين صلوات الله عليه وآله الطاهرين في أوائلها وأظنه شهر ربيع ؛ جاء مصطفى باشا إلى تبنين [قرية عاملية] وغيرها من الألوية في بلادنا وجمع النّاس وأخذ من بين عشرين إلى خمس وعشرين نفس واحد للنظام بعد أن كانت الأنفس حسبت بأوامر سلطانية , وبعد أن أخذ مثل ذلك من الشّام ونواحيها , والحال في شرح ذلك يطول .
وفيها كسفت الشمس عند العصر . وفي شهر ذي القعدة شاع الخبر في سائر الأقطار الشّامية بذبح الدّجاج البالغ في العمر سنة وحولها معلّلاً ذلك بأن ماء نيسان من تلك السّنة فاسد ويتولّد منه في بطون الدّجاج حيّات , وقد نظرنا في الدّجاج فوجدنا في بطون كثير منه في الأمعاء شبه الدّود مما يبلغ الشّبر أو أقلّ طولاً ومنه صغير وكبير . ولم يظهر لنا إلى الآن عاقبة عاقبته , ولا ندري أن هذا هل كان يوجد في غير هذه السّنة أم لا . 
وفيها اشتدّ الحرب في العراق بين أهلها وبين الوزير وجيه باشا وقبض على جملة من مشايخ العرب مثل كريدي بن ذرب آل شلال الخزاعي وابن عمّه محمد آل عباس وعضب العجة من بني حسن وعلوان الطفيلي وحجيل شيخ حليجة , فأرسلهم إلى السلطان في القسطنطينية بعد أن كان صدر منهم حروب كثيرة في السّنتين السابقتين . 
وفيها خرجت حوران واللّجا من طائفة الدروز واجتمعوا في اللّجا وتوجّه رئيس العساكر الشّامية لحربهم وأنفذ أمراً إلى رئيس عشائر بلادنا حمد البيك بن محمد النصّار في ملاقاتهم فوجّه الأوامر إلى البلاد في تجهيز العساكر وامتنع عليه جملة من أولاد العشائر خوفاً على بلادهم من أنهم إذا خرجوا منها يأتيها العدو . 
وفي أثناء ذلك دخلت سنة 69 وكان ابتداؤها يوم الجمعة فإنه كان أول محرم , وما مضت منه أيّام حتى غزا جملة من العرب البلاد فجاؤا إلى الخيام وساقوا جملة من الغنم ووقعت الغلبة على أهل الخيام وجاء الصوت إلى ثامر بيك فلم يقدر على اللحوق بهم , وفي اليوم الثّامن من المحرّم غزا جماعة من العرب طرف البلاد من جهة مقام نبي الله يوشع فاستاقوا جملة من الغنم التي لزبيد طائفة من العرب وكانوا قد نزلوا مرج قدَس وأخذوا ثلث الحمير لأهل قدَس فجاءهم أهل عثرون [قرية عاملية] وبعض المغاربة النّازلين بديشوم [قرية فلسطينية] وأهل قدس ووقع بينهم وبين الغزو حرب فقتل ستة من الغزو ورجل فارس وجرح من أهل البلاد اثنان ومن المغاربة اثنان وجاء الخبر إلى حمد البيك وكان قد عسكر في سهل الخان من أرض تبنين فأمر بنقل المعسكر إلى عين قدس , ثم مضى بعد ذلك إلى أرض الخيط [قرية فلسطينية] وخيّم على جسر المجامع [منطقة فلسطينية] وانتهب جملة من جياد خيل عرب أويس , ولما انقادوا له ردّها إليهم , وبقي على الجسر أيّاماً ثم كرّ راجعاً إلى قدس . وجاء الخبر من رئيس العساكر بوقوع الصّلح بينه وبين أهل اللّجا بعد أن وقع بينهم حرب في بلد تسمّى أذرع .
وفي تلك السّنة كنا توجّهنا إلى الحجاز قصداً للحج الشّريف في سابع شوّال على طريق البحر فمررت على غزّة هاشم [المدينة الفلسطينية المعروفة] ولقيت جملة من فضلائها وجرى بيني وبينهم مكالمة ومناشدة أشعار فحفظوا عنّي وحفظت عنهم وشاهدت من أنسهم ما لا يسع المقام بسطه , وفي أواخر ذي القعدة دخلنا مكّة المشرّفة وشاهدنا أنوارها .
ومما وقع فيها تلك السّنة من الغرائب أنّا كنّا في الحرم الشّريف فهبّت ريح عاصفة لم يسمع مثلها حتى أن الرّجل لم يملك نفسه في الجلوس فضلاً عن الوقوف , ثم اشتدّت حتى أنها عبثت في قناديل الحرم الشّريف فتكسّرت حتى لم يبق منها إلا القليل وكنا نرى الحصر والبواري في الهواء كأنّها ريش الطّيور , وانقلب صفيح الرصاص عن المقام الحنفي حتى تعجّب منه أهل مكّة وحكوا جميعاً أنه لم يسمع مثل ذلك في سالف الزّمان ؛ ثم تعقب ذلك بسيل ووقع في تلك السّنة في بلاد الحجاز من السّيول ما لم يسمع مثله مع أن الزّمن كان في زمن الصّيف , ومن جملة تلك السّيول أن الحاج الشّامي والعراقي خرج في سابع وعشرين ذي القعدة على الطّريق الشّرقي فلمّا وصل إلى وادي اللّيمون عن مكّة ثلاث مراحل وهو وادٍ عظيم فيه أنهار ومزارع فنزل الحاجّ فيه للراحة والتّأهّب حتى إذا كان بعد زوال الشّمس ساعة أو أكثر هبّت ريح عظيمة أثارت القتام حتى امتلأ الوادي ثم جاء السّيل كالبحر فلم تر إلا خياماً منكوسة وأمتعة مقلوبة , وأخذ أكثر ما في بطن الوادي من الإبل والخيل والأمتعة وغيرها ؛ قالوا أنه أحصي ما ذهب من الإبل في السّيل فكان خمسماية وأزيد ومن الأمتعة ما لا يحصى حتى صار بعدد ذهاب السّيل غنيمة للعرب وأهل الوادي وأخذ من الحجّاج ما يزيد عن ثلاثين نفساً , منهم من أخرج بعد السّيل ودفن , ومنهم بقي , وأكثر ما وقع التّلف في الحاجّ العراقي فإنه كان , فإنه كان في بطن الوادي من أعلاه فلم يشعر النّاس إلا والماء قد فاض عليهم , وكنت مع أهل بلادنا على تلعة في بطن الوادي فكان الماء محيطاً بخيامنا كأنّا في جزيرة , ولم يصبنا بحمد الله شيء إلا خيمة واحدة كانت أسفل , تسابقنا إلى نقلها ونقل أمتعتها , فلم يذهب إلا شيء قليل وكان فيها رجل ومعه زوجته وهو مريض فأخذه الماء فسارعت المرأة وأخرجته والحمد لله .
وفي تلك السّنة في غيبة الحاجّ توفي رئيس العشائر حمد البيك فعظم مصابه في البلاد وتولّى بعده ابن أخيه علي البيك الأسعد زاد الله في توفيقه وتأييده فأحسن السّيرة وخلع على بني عمّه وعلى وجوه أهل البلاد من الخلع السنية والهدايا والألطاف من خيل وسلاح وساعات وغيرها ما أرضى الخاصّة والعامّة . واشتهر ذكره ومشى صيته حتى قال النّاس أن عمّه لم يمت .
وفي تلك السّنة نشبت الحرب بين ملك الإسلام سلطان السّلاطين عبد الحميد وبين ملك المسكوب من بني الأصفر وتفاقم الأمر وعظم وتجهّز الفريقان بجدّهم وجهدهم وقد صار بينهم جملة وقائع عظيمة وإلى الآن من مضيّ سنة ونصف لم تنتهي الحرب ولن تنتهي . نسأل الله تعالى أن يمدّ المسلمين بالنّصر ويحفظ بلادهم من مكائد العدو فإن هذه الحرب لم يجر مثلها من مضيّ خمسماية سنة لاسيما تخاذل المسلمين وضعف الدّين وكثرة الفاسقين والمعاندين والغادرين والمنافقين وهتك حُرم الإسلام وكثرة المحرّمات كالزّنا واللّواط وشرب الخمر وجور العمّال والقضاة وحيرة العلماء وقلّة الحياء والمعروف في الرّجال والنّساء , حتى لم يبق من القرآن إلا اسمه ومن الدّين إلا رسمه . كما نسأله تعالى تعجيل الفرج بأهله .
وفي أثناء ذلك دخلت سنة السّبعين , ووقع فيها من الأمطار ما أنعش البلاد والعباد وكثرت الخيرات , إلا أن كثرة المطر أفسد كثيراً من الأشجار كاللوز والكمّثرى والخوخ وغيره حتى آل الأمر إلى أن فسد العنب وأتى عليه ضريبة بعد أن حصرَم اسودّ ويبس وتهرّأ على وجه لم نسمع مثله . والتّين والزّيتون حملا حملاً عظيماً إلا أن التّين في آخره وقع عليه نقيصة . وصحّ العسل في تلك السّنة جداً على وجه سدّ مسدّ دبس العنب كثرةً .
وفي تلك السّنة توفي رئيس العلماء في العراق , شيخنا الشيخ محسن بن خنفر وقد كنت قرأت عليه جملة من الفقه والأصول على طريق الاستدلال فلقيت منه بحراً زاخراً وسحاباً هامراً , بل لم أر مثله قدس سره في جمع العلوم وحفظ الدّقائق من الأصولين والعربية والحديث والرجال والإطّلاع على علوم الأوائل , وكان وفاته في زمن الوباء في العراق . رثاه جميع الشعراء في العراق بالمراثي الجيدة . ومات من العلماء في العراق أيضاً تلك السّنة شيخنا المرتضى الرضي زين العابدين وكان بحّاثاً , حضرت بحثه جمله من الزّمان .
وفي تلك السّنة ورد رفيقنا في التّدريس العالم العابد الشيخ سلمان عسيلي العاملي من العراق إلى جبل عامل .
وفي تلك السّنة في شهر ذي الحجّة غزا علي البيك طائفة عرب الهيب , بيّتهم وصبّحهم بكرة فنهب جملة من أموالهم وأسر بعض الرّجال وهرب الباقون , والسّبب في ذلك أنهم بغوا في البلاد وتلصّصوا حتى سرقوا جملة من الأموال وهم متحصّنون في بلاد صفد , إلى أن غزاهم أيّده الله فانقطعت مادّة فسادهم . وعرف بعض النّاس ما سُرق له فأخذه بعد أن جاء الأمر من المشير وامق باشا بتحقيق ذلك وأن كل من عرف شيئاً من المنهوبات فهو له .
وفي أثناء ذلك دخلت سنة الواحد والسّبعين وكان مطرها في الغالب غير عام , وبسبب ذلك حصل الإقبال في مزروعات الجبال دون السّواحل .
وفيها غزا بعض عرب الفضل البلاد وقتلوا أحد شعرائها وهو الشيخ إبراهيم بن الشّيخ نصر الله بن الشيخ إبراهيم يحيى الشّاعر العالم المشهور ذو اليد الطولى في  تخميس الشّعر , فكم من فضيلة في ذلك يكشف عنها من نظر في تخميسه لقصائد أبي فراس والتّترية وغيرها . ثم بعد أن قتل المذكور ووصل الخبر إلى أميرهم وهو حسن آل فاعور , أمر بالرّحيل إلى حوران والجولان خوفاً من الغيلة وطلب الثّأر .
وفي تلك السّنة في سادس عشر رمضان حدث حرٌّ عظيم وأرياح شرقية وشمالية على خلاف المعتاد , أثّرت في العالم أثراً عظيماً .
ثم دخلت السّنة الثّانية والسّبعون وحصل في أوائلها أمطار وكثر في الآخر حتى حسن الزّرع جداً ولاسيما نحو العدس والفول والكرسنّ والشّعير , ومع ذلك كانت السّواحل أحسن من الجبال .
وفيها رجع ثامر البيك إلى محلّه حاكماً على عادته بعد أن عُزل وذهب إلى مصر ثم إلى القسطنطينية , ولما رجع لاقاه أخوه وأبناء عمّه محاربين له مجرّدين كثيراً من أهل البلاد , وجرى بينهم حرب في أرض الخيام [مدينة عامليةوآبل السّقي [قرية عاملية] ووقعة أخرى في تبنين , ثم جرى الصّلح .
وفي هذه السّنة وقعت الهدنة بين المسلمين ومن تبعهم من الدول وبين المسكوب بعد أن جرى بينهم حروب كثيرة على ما تقدّم الإشارة إليه .
وفيها صار وباء عظيم في العراق مات فيه عالم كثير وكان من جملة المفقودين شيخنا الشيخ مشكور الحولاوي , وكان من الفضل والورع والنّباهة بمكان عظيم , وقد حضرت درسه مدّة من الزّمان .
وفيها توفّي الأمير عسّاف الحرفوشي بعد أن كان محبوساً في القسطنطينية , وهرب ورجع إلى بلاده وأظهر المباعدة للدولة فأمّنه الوزير وجعله من جملة القوّاد , ولمّا مات وبلغ الخبر إلى أخير الأمير خليل وجِد عليه كثيراً وقتل نفسه وجداً عليه بالسّلاح عفى الله عن المؤمنين .
وفيها وقع مطر عظيم وسيل شديد في أيّام الرّبيع وتعاظم في بلاد أوروبا حتى أهلك جملة من زروعها ومواشيها , وأغرق جملة من بلاد فرنسا حتى أن الأخبار من قبل الدّولة جازمة بأنه هلك في تلك البلاد نحو الثّلث من جميع الموجودات , وطفى الماء عليها حتى أن بعض المدن صارت كالبحر يسرى فيها بالسّفن , وسمّوا ذلك الطوفان الصّغير إذ لم يعهد مثله بعد طوفان نوح إلى زماننا هذا .
وفيها وقع بالحاج وباء عظيم أهلك ما يزيد على النّصف , وأكثر ما حلّ في منى ومكة المشرّفة .
وفيها رجع الشّريف محمد بن عون من القسطنطينية إلى منصبه وعصى عليه الشّريف الذي في مكة وهو عبد المطّلب بن غالب وحصل بينهما حرب في مكة وفي المسجد الحرام وكانت الغلبة لمحمد وهرب عبد المطّلب إلى الطّائف .
ثم السّنة الثالثة وسبعون وبها وقع قحط عظيم في أول السّنة ثم كثر المطر بعد الأياس , وقد وقع الثّلج على وجه قلّما وقع مثله كثرة . وقويت ينابيع المياه بعد ضعفها مما يزيد على أربع سنين .
وبها بدأت الحرب بين الإنكليز والعجم بعد أن كان العجم قد استولوا في السّنة الماضية على هراة [مدينة بين إيران وأفغانستان], وهي وإن لم تكن للإنكليز ولكن صيرورتها في يد العجم مضرٌّ على الإنكليز لأنها كالحاجز والآن قد جهّز الإنكليز جيشاً يقرب من عشرين ألفاً وحطوا على بندر بوشهر , ثم استولوا على البلد وأخذوها عنوة بعد وقوع حرب عظيم ونهبت البلد وسبيت وكان محاربة العجم فيها قليلون , والله المسئول نصره الإسلام .  
وبها تولّى محمد بيك الأسعد مقاطعة صفد من قبل وامق باشا مشير بيروت , وبها صارت زلزلة وقعت قوية في بلاد مصر وأقوى ما كانت في جزيرة جريد [جزيرة سعودية], هدمت منها دوراً كثيرة .
وبها كثر مرض الأطفال في بلادنا بالجدري والدشيشة ونحوها وحصل فيها موت ذريع , وقد وقع ذلك في مربعانية الشّتاء فكان هو المعين على شدّته والله الفاعل لما يشاء .
وفيها تجهّزت العساكر المصرية بهمّة واليها سعيد باشا على بلاد الحبشة بعد أن كان التّعدّي قد حصل من الحبشة واستخلصوا من بلادهم التي في يد المصريين ممشى عشرين يوماً .
وفيها ولدت في رامية قرية من قرى بلادنا بنت بأربع أيدي وحقوين وعينين عظيمتين وخلقة عجيبة , إلا أنها ولدت ميتة والحمد لله .
وبها في شهر شعبان في فصل الرّبيع وقع حرب بين عقيل آغا الحانيني رئيس الهوارة ومحمد سعيد آغا بن شنديز أحد رؤساء الأكراد قرب طبريا واستقام الحرب قرب ساعتين وكان ذلك عند الصّباح وكانت الهزيمة على محمد سعيد بعد أن قتل أخوه وما ينيف عن مائة غير الجرحى .
ثم دخلت سنة الأربع وسبعين وبها وقعت بين العجم والإنكليز الهدنة بعد أن استرجع العجم البندر وقتلوا من فيها من مقاتلة الإنكليز .
وبها كثرت الأمطار جدّاً على خلاف العادة في السّنين التي قدمت , وصلحت الأشجار والأثمار ورخصت الأسعار حتى بيع الخيار ثمانية أقق قسطنطينية بقرش والمشمش عشرة بقرش وهكذا بعد أن كانت الأسعار منذ اثني عشر سنة في غلاء زائد , وبيع المد الحنطة بقرشين والذرة بقرش ونصف .
وبها وقعت الفتنة بين طائفتي عنزة ولد علي ورئيسهم إذ ذاك محمد بن سمير , والرُولة ـ بضم الراء بعدها واو ثم لام ـ وئيسهم فيصل بن نايف الشّعلان , وجرت بينهم وقعات عدّة في الجولان وحوران , وآخر وقعة منها كانت الهزيمة على محمد ونهبت أمواله إلا أن المقتولين من رجال فيصل أكثر , وقتل معهم جملة من رؤساء الدّروز , منهم ابن إسماعيل الأطرش كبير دروز اللّجا والتجأ محمد إلى تبنين حضرة علي بيك الأسعد فأخذ في التّجهيز معه واعمال الآراء في انحلال الدّروز عن فيصل فانحلّوا عنه وألقي عليه الرّعب فضرب البرّ .
وبها دخل عمر باشا رئيس العساكر العثمانية بغداد بعد أن كان مرّ على دير الشّعار فأوقع فيه وجرى بينه وبين أهل الدّير حرب وكانت الغلبة عليهم وألقي الرّعب في قلوب أهل العراق ولما وصل أخذ منها أشخاصاً للعسكر بالقرعة من بغداد وبلد الحسين ومشهد علي عليه السلام واضطربت عليه العراق وهي إلى الآن في اضطراب وأكثرها خارج عن الطّاعة .
ثم دخلت السّنة الخامسة والسّبعون وبها خرج النّجم العظيم له شعاع طويل يزيد عن طول رمحين , خرج من جهة الشّمال مما يقرب من بنات نعش ثم أخذ في الانحراف إلى القبلة وهو الآن في العقرب , وقد صار له من يوم طلوعه نحو شهرين . وحدث في تلك البرهة أمراض عظيمة في كثير من الأقطار .
وفيها وقعت فتنة بين الشّقران رؤساء نابلس وبين الصّقر وكانت الغلبة على الصّقر , قتل رئيسهم رباح السّعيد وما ينوف عن ألف نفس من الفريقين .
ووقعت حروب عدّة في العراق بين عمر باشا وبين أهلها .
ووقع في أواخر جمادى الثّانية ثلج وبرد في غالب البلاد وحصل قبله ليلاً ريحٌ عاصفة قلعت جملة من الأشجار حتى أن شجرة الزّيتون الكبيرة لينقلها الرّيح بأصلها وجميع ما فيها عن مكانها نحو سبعة أذرع . وتكسّر في البحر في بيروت وصور وصيدا وعكا وغيرها أكثر المراكب مشحونة وغير مشحونة .
وبعد ذلك بأيّام حصل زلزلة إلا أنها كانت خفيفة قليلة الضّرر والحمد لله .
وفيها حصل نقص كثير في الدّواب ولاسيما الغنم والمعز والبقر , فربما أن بعض القطعان لم يبق منها شيء , وبعضها تلف النّصف والثّلث والرّبع ونحو ذلك . وكثير من تلك الدّواب كان سبب موتها الجوع والبرد حيث أن الأرض كانت خالية من العشب لعدم المطر في أول السّنة وإن كثر في آخرها , مع ما حصل من الغلاء في التّبن والشّعير , فقد بلغ ثمن زنبيل التّبن تسعة قروش وهذا شيء ما رأيناه ولا سمعنا بمثله ولا حكي لنا . وكذلك سعر السّمن فإنه ارتفع حتى بيعت الأقّة بست وثلاثين قرشاً ووردت علينا الأخبار من العراق أنها بلغت حساب الأربعين . ومن العجائب أن الحوادث في هذه الأزمنة غالباً عامّة كائنة ما كانت وكأنّ ذلك لعموم المعاصي في سائر الأقطار . 


نماذج من مخطوط سوق المعادن والحلل

 



 


  • المصدر : http://www.alameleya.org/subject.php?id=186
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 04 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28